يسوع ليس مُلكًا لأحد
من كتاب قصص روحية وإجتماعية للأب يوسف جزراوي - هولندا 2009
or=red]8]قبل أعياد الميلاد لسنة 2008 بإسابيع معدودة ذهبتُ إلى مُخيم اللاجئين (الكمب)في مدينة برخم الواقعة بشمال هولندة Burgu لاقامة القدّاس لمجموعة من اللاجئين المسيحيّين العراقيين والعرب....ولما أنهينا قدّاسنا ألتقينا جميعنا في قاعة الكنيسة في غذاء محبة، ورحنا نتحدث عن أمور عدة، فقرَّب بعض العوائل أطفالهم مني، تتراوح أعمارهم من 9 إلى 12 عامًا، وكانوا من بلدان متنوعة (العراق، مصر، الصين، نيجريا، أثيوبيا، أرمينيا...) وبعد أن تعرفتُ عليهم طلبتُ منهم أن يرسموا الطفل يسوع وهو في المذوذ. وقبل أن أُغادر المكان، تطلعتُ إلى رسوم الاطفال، فوجدتها يا للعجب! فقد رسم كلّ طفل منهم المسيح وهو في المذوذ ولونهُ بحسب ملامح أهل جلدته! فواحد تارةً قد صوره أسودًا زنجيًا وبأنف أفنص كبير ذو ملامح أفريقية، وآخر رسمه بملامح أوربيّة أزرق العينين، وطفل آخر رسمهُ أسمر البشرة....وآخر رسمه صيني الوجه....!
فعلق أحد الشمامسة قائلاً:"من حُسن الحظّ يا أبونا أنّه لَيس لدينا صورة تاريخيَّة للسيّد المسيح، فيستطيع المرء أن يتخيلّه ويصوره كما يشاء، كما فعل هؤلاء الأطفال".
فأعطيته كل الحق وقلتُ للحاضرين جميعًا، تأمّلوا في بعض بطاقات أعياد الميلاد التي تُمّثل الطفل يسوع، فهو تارةً من الإسكيموا، وطورًا من الشرق. لون وجهه أبيض، أسمر، أسود، أصفر، أحمر البشرة.....
فأجاب طفل قبطي: أ تعرف لماذا يا أبونا؟ لأن يسوع ليس مُلكًا لأحد ولا يرضى أن يمتلكه أحد، لأنّه للجميع.
بالصواب والحكمة نطق هذا الطفل، لأن يسوع مواطن بلا وطن، يحمل جنسيَّة البشرية جمعاء، ليس لديه قومية وطائفة محددة. دائرة نفوسه هي العالَم بأسره.
إنه يسوع المسيح حبيب القلب، أبن بلدي وبلدك وأبن شعبي وشعبك، إنه فوق كل البلدان وكل الشعوب وكل التسميات والقوميات.
ومن كانَ له اذنان للسمع، فليسمع! ( متّى 11: 15).
[/size]