لماذا يسمح الله بخبرة الألم؟

لماذا يسمح الله بخبرة الألم؟
بقلم الأب يوسف جزراوي
جائتني دون علم مُسبق وحدثتني بلغة قاسية من دون سابق انذار قائلة: "الله الذي توعظ وتكتب عنه والذي نحبه ويحبنا وندعوه أبًا وراعيًا صالحًا لماذا يسمح بالألم؟! ولماذا يسمح لصالبي المسيح بصلبه؟! ولماذا يسمح بأن تكون حياتي عبارة عن سلسلة من الصلبان والالام .. لماذا ..؟! ولماذا يسمح بأن أفترق عن من أحببت بسبب مواقف الأهل النابعة من الجهل؟! ولماذا....؟
حاولتُ جاهدًا أن أُهدي من روعها..لكنّ من دون جدوى! بل أزادت هي من صراخها وإنفعالها وتساؤلاتها قائلة:"أجبني يا أبتي لماذا لا يتدخل الله ويوقف هذه المآسي؟ ولماذا يسمح بهذه الحوادث المؤلمة في الحياة؟!!!
طلبتُ منها الهدوء وأن تستنشق نفسًا عميقًا.. فبدأت بالهدوء.. وبعد لحظات من الصمت أجبتها: طرحتي أسئلة عديدة والحاجة لجواب واحد.. تساؤلاتكِ هي تساؤلاتي و ربّما هي تساؤلات البشرية بأكملها؟!أنا متضامنٌ ومتفقٌ معكِ قلبًا وقالبًا وأضم صوتي وتساؤلاتي معكِ!
هذه التساؤلات جعلتني أتوقف طويلاً بين ثناياها فأكتب اليوم كلمات وخبرات لا أبغي منها التخدير والربت على الاكتاف، بل تقديم حقيقة وقناعات مُهمة:
الرب عندما أمر إبراهيم بذبح أبنه وتقديمه كتقدمة، في اللحظات الأخيرة يطلب الله من إبراهيم أن يوقف ذبح أبنه ويذبح الحيوان عوضًا عنه. ومن هذه التجربة المؤلمة التي خاضها أبونا ابراهيم- أبو المؤمنين، أدركنا أن الله أوقف الذبائح البشرية وأستبدلها بذبائح حيوانية.لذا يصح القول أن الله يخرج من الألم نعمة وبركة وخير يصب في صالح الإنسان، الهنا يُخرج من التجربة خبرة مُفيدة وبنّاءة. ولعل من المُفيد الإستشهاد بما كتبه القديس أوغسطينوس في إعترافاته:"لا يسمح الله بالسوء، إلا لكي يحوّله إلى صلاح أكبر".
أؤمن بحقيقة مهمة:الله يُحبنا، ومن يحبّ لا يُسيئ. الرب يحوّل محنتنا إلى خير وبركة؛ يحوّل ضياعنا وتشتتنا إلى وقفة تأمّل وأهتداء وصلاة، ويحوّل مُعاناتنا إلى رجاء وسعادة وشهادة وبشرى.
ربّما سيعترض بعضكم ليقول: الله يسمح بالتجربة والألم لكي يختبرنا؟ يختبر صبرنا وقوة تحملنا ويختبر حقيقة إيماننا..
فأجيب : أولاً: إن كان الله له القدرة على كل شيء وكشف المستقبل، وإن كان هو فاحصًا للقلب والكلى، إذًا هو يعلم ما يجول في تفكيرنا قبل أن نشرع في التفكير به؟ الله لا يختبرنا حتّى يكتشفنا، لأنه على علم بكل شيء.
ثانيًا: لم ولن يخلق الله الإنسان ليكونَ حقلاً للتجارب، الله لا يختبر الإنسان، لأن الرب أعلم بنا من أنفسنا. الرب ليس بحاجة لكي يختبر قوة تحمُلنا، لأننا ناس، بشر، خطأة، ضعفاء، محدودين في كل شيء، إنما الرب لا دخل له في الشرّ والألم، إنما يسمح به آحترامًا لحرية الإنسان،
وهنا لي ثمةَ قناعة أذيعها علنًا: ليس الله :
- ألهًا يقف مُتفرجًا لا يُبالي لمصائبنا، وليس هو بجلادٍ أو بُعبعٍ مُخيفًا أو إلهًا مُتعاليًا ينزل علينا الكوارث والمصائب ساعة ما يشاء.الرب بريء من كل شرّ وعنف حصل ويحصل في العالم ،لأنه إله لا يعرف سوى الخير والحبّ .
- الله لم يخلقنا عبيدًا جاعلاً منّا بيادق شطرنج، مُسيّرين، بل أبناءًا أحرارًا، وإن كانت هذه حقيقة ( نحن مُسيرين)، إذًا ليس له الحق في أن يُحاسبنا يوم الدين، ما دمُنا كُنّا مُسيرين، وكل شيء كان قد حدث بإمره وبدون مشيئتنا وإرادتنا..
يبقى الهي إله حبّ، ولأنه حبّ مجاني تراه عاجزًا عن القيام بإعمال تُخالف الحبّ.
كنتُ غالبًا ما أتسأل: لماذا يسمح الله بالحزن والفقر والجوع والإضطهاد؟ لكن تأمّلي الصباحي لإنجيل الحياة قادني لإكتشاف حقيقة وهي: من عمق هذه المعاني (الحزن-الفقر-الجوع-الإضطهاد..)يفوح عطر التطويبات! طوبى للحزانى ..الله لا يتفرج على مصابنا، بل يتضامن معنا ويشاركنا الألم ويعزينا ويطوبنا.. (التطويبات).
سيقول البعض كفاك مثالية يا أبونا وكفاك تفلسفًا وكفاك تخديرًا لنا.. لكنّ صدقوني من هذه الأسطر لا أبغي دغدغة مشاعركم الروحية، بقدر ما أستعرض خبرات شخصية وخبرات حقيقية لأشخاص أعرفهم عن قرب إكتشفوا الله عن طريق الألم والمعاناة.
ألا تتفقون معي بتساؤلي هذا: أ لم ينجلي حُبّ الله لنا بواسطة الألم (الصليب)؟ ففي الإنجيل كثيرًا ما حدثنا يسوع عن حبّ الله الأبوي.. لكنّنا لمسّنا هذا الحبّ على الصليب، وبواسطة خبرة ألم يسوع المسيح أدركنا بعمق "إن الإنسان حبيب الله".
وأنا أكتب هذه الخلجة – الخاطرة التي أعدها واحدة من أهم خلجات ذاتي، قادتني ذاكرتي إلى صورة ذلك الجندي الأمريكي الذي تشوه وجهه جراء الحرب على العراق، لكن حبيبته أستمرت بمحبتهِ وتزوجت منه رغم قباحة وجهه، إيمانًا منها بأن جمال الإنسان ليس في وجهه ومظهره،بل في ذاته وسلوكه.... فللحبِ وجه واحد حتّى وأن تغيرت ملامح الوجوه ...هكذا الله أبونا يُحبنا ويستمر بحبنا رغم بشاعة سلوكنا وقباحتنا.

لماذا يسمح الله بخبرة الألم؟ 60053153213914708649100

لماذا يسمح الله بخبرة الألم؟ 60053153213914708649100

لماذا يسمح الله بخبرة الألم؟ 20100912043

[color=green]ختامًا:
ليتك يا قارئي العزيز لا تنسى أن الكلمة النهائية في حياة ربّنا يسوع المسيح لم تكن للألم والصليب والمعاناة..بل للقيامة والرجاء .. هكذا تُعلمنا خبرة الإنجيل أن وراء الصليب فجرُ يلوح بالأفق، فكان نور القيامة شمس تضيئ السالكين في الظلمات.. لذا لا تتذمر من صليبك، ولا تستسلم لحزنك وألمك الناتج من خطيئة الإنسان وأبتعاده عن الله. ولا تظن أنك وحيدًا في دروب الألم بل تذكر أن المسيح رفيق دربك، وهو يتألم لألمك، لأنه الفادي والمخلص.. فنسمعه يقول: تعالوا ألي يا أيها المتعبين..
قارئي العزيز لا تستسلم لليأس، لأن اليأس موت، ونحن مدعون للحياة والرجاء والحبّ والخلاص.

موضوع مؤثر
يا صاحب الفكر المؤثر
الله لا يحرمنا من كتاباتك الرائعة
يا معلم الاجيال
مشكور ابتي وصديقي الغالي

كلام اكثر من رائع
وشكرا ابونا وصديقي العزيز
موضوع مهم لنكسر كل حاجز امامنا وامام الهنا المحب
والاب الحنون وكما يقول ربنا انه كان ينتظر رجوع ابنه
وعندما اباه راه وهو ما زال بعيدا فتحنن وركض اليه وعانقه وقبله بحرارة "لو ( 15: 20 )
الهنا ليس مخيفا بل جميلا
ذوقوا وانظروا ما اطيب الرب
شكرا ابونا الغالي

ان الله يخرج من الالم نعمه وبركه وخير يصيب في صالح الانسان= عاشت ايدك عل هل خبره المؤثره

» لماذا أموت؟
» لماذا اموت
» لماذا لم تنقذني يا رب؟(قصة روحيّة)
» لماذا أنا مستمر برسالتي؟!
» لماذا يقتلون ابناء شعبي؟؟