رجاءًا كفاكم ظلمًا لله
رجلٌ مجنون أشعل فانوسه في وضح النهار، وراح يركض في ساحة السوق ويصرخ بدون إنقطاع "إنّي أبحث عن الله! إنّي أبحث عن الله!". وبما أنّه كان هناك حشد من أولئك الذين لا يؤمنون بالله، فقد أثار قهقهة كبيرة؛ فقال أحدهم: هل أضعناه؟ هل تاه كطفل؟ قال آخر، أم إنّه مختبئ في مكانٍ ما؟ هل يخاف منّا؟ هل ركب البحر وهاجر؟ أم خطفته جماعة مسلحة؟ هكذا كانوا يهرّجون ويضحكون كلّهم في وقت واحد.
وثبَ المجنون بينهم وجحدهم بنظرة وصرخ: أين الله؟ سأقول لكم، لقد قتلناه! أنتم وأنا! نحن كلّنا قتلناه! ولكن كيف فعلنا ذلك؟!
عندما شوهنا صورته وأبتعدنا عن تعاليمه ووضعناها على الرف. قتلناه عندما حاولنا أن نصير نحن آلهة، ونسينا أننا أُناس! قتلناه عندما لم نعد نشعر بعد بأننا بحاجة لصداقته....! قتلناه عندما لم نعد نصغي بعد لمنادات الروح القدس! لقد خنقنا روحه وصوته فينا، ولم نعد نسمع إلاّ صوت ذواتنا. وهنا صمتَ الرجل المجنون عن الكلام وأمعن النظر من جديد في مستمعيه، لكنّ هُم أيضًا كانوا صامتين، ينظرون إليه دون أن يفقهوا شيئًا.
أخيرًا رمى فانوسه بالأرض بقوة هشّمته وأطفأته، وقال لسامعيه: "هكذا نحن أيضًا، يجب أن نُهشّم كل الص
ور الباطلة التي صنعنها عن الرب".
الحكمة: منذ القدم وهُناك مفاهيم مغلوطة ومشوهة عن الله، أَلم يصنع الإنسان إلهه على مثاله وكما يتصوره هو؟ واليوم ألا نُصيغ نحن ونصنع الهنا بحسب تصوراتنا وقياساتنا وأسقاطاتنا البشرية؟! ألم نضعه في (قفص الاتهام) وأسقطنا عليه مفاهيم بشرية عقيمة نابعة من تصوراتنا ومحيطنا ورغباتنا؟ وكأننا بعيدون كل البعد عن تلك المفاهيم التي أتى بها ربنا يسوع. لنُنقي مفاهيمنا وصورنا عن الله ولنترك تلك الصور الباطلة التي تلقّفناها من مجموعة تربيات مغلوطة.
لنقتل فينا صور الإله الذي جبلته أيدينا وصورنا ورغاباتنا النفسية والإجتماعية وليبقى الله الحقيقي الذي جبلنا وخلصنا بِحبّ.
أملي أن نعود جميعنا إلى الإنجيل لننقي صورنا ومفاهيمنا عن الله . فمن اراد معرفة الله، عليه النظر إلى يسوع ومعرفته، ومن يبغي التعرف إلى يسوع، عليه بالعودة إلى الإنجيل.
لِنُنير ظُلمة حياتنا بنور المسيح الساطع