ليلة الميلاد
الأب يوسف جزراوي
جاءت ليلة عيد الميلاد، وكان الكثيرون من الناس منشغلين بتجهيز ألذ وأطيب الأطعمة، وبعضهم كان مُنهمكًا في إعداد وتجهيز ثياب العيد الجديدة، بينما قضى ويقضي البعض ساعات وساعات في صالونات الحلاقة إستعدادًا لذهابهم لحفلة أو أمسية ما! وإذا برجل مُسن طاعن في السنّ لم يجد من يهتم به وحيدًا في ليلة يجري الجميع فيها بسرعة. يسير لوحده، لا رفيق له سوى ظلّه، فعزم للجلوس مع ذاته على حافة إحدى شؤاطئ المدينة وأخذ يتطلع أمامهُ مُتأمّلاً بما يجري.
أضواء المدينة مُشتعلة، الكل يجري بسرعة البرق، مظاهر العيد بادية للعيان من بابا نؤيلات وأشجار الميلاد المُزينة بالزينة الجميلة، ونواقيس وأجراس تقرع هُنا وهُناك. الجميع محتفلون بالعيد كلٌ بطريقته الخاصة، أما الرجل المُسن أخذ يُفكر بصاحب العيد، وإلاّ بطفلٍ شقيٍ جميلٍ وديعٍ يقاطع سلسة أفكاره وتأمّلاته قائلاً له:
ما بالك يا عم وحيدًا؟ لِما لا تذهب للإحتفال بالعيد، أليس لك عائلة، أصدقاء، أولاد...؟ فأجابه الرجل بصوت مخنوق ترافقه دموع حزينة قائلاً: لو كان لي كما تقول يا صغيري، لما وجدتني وحيدًا هَهنا أُحاكي ذاتي والشاطئ!
أجاب الطفل مُقاطعًا كلامه:... لكن يا عم! الليلة، هي ليلة عيد الميلاد، ميلاد المسيح. إنها ليلة ليست كسائر الليالي. الجميع قد عدَ عدته للإحتفال بهذه اليلة وأنت تُكلم الشاطئ!
الرجل: وأنت يا بُني ماذا تفعل هنا لوحدك في هذه الليلة، أين أهلك؟ عُد إلى بيتك وعائلتك، فالآن عائلتك مُنهمكة في البحث عنك.أجاب الطفل بحسرة قائلاً: قبل ألفي عام لم أجد مكانًا أولد فيه، فوالدتي ولدتني في أسطبل للحيوانات، واليوم وبعد أكثر من ألفي عام لا من مكانٍ ولا من قلبٍ أولد فيه!!
الحكمة: غالبًا ما نُحضر ونُجهز الكثير من الأشياء وننسى أو نتناسى أن نُجهز قلوبنا وأنفسنا وحياتنا لولادة الطفل يسوع وأستقباله.