خاصمته لأنه يحبها.
الأب يوسف جزراوي
إعترفت لي ككاهن وصديق، أنها جسدت الحبّ مع من تُحب خارج إطار الزواج. قلتُ لها: أتحبينه؟ أجابت: "أموت فيه. وهو يحبني بصدق وتفاني". قلت لها أين المشكلة إذًا؟ صمتت لوهلة في حيرة من آمرها. وقالت: هل الذي نفعله حرام؟ قلت لها؟ الله يتفهم نوايانا. أنت جستي حبًا ولم تفعلي أثمًا، انكِ لم تكوني عبدة لشهواتكِ، بل مُجسدة لمشاعركِ ومحبتكِ. وللحبّ حق علينا، فالحب ليس ثرثرة وكلمات معسولة تدغدغ العواطف، بل فعل وتجسيد..لذا أقول عندما تحبّ شخص ما فأنك مع الزمن ستتولد لديك الرغبة في الوحدة معه وألإلتصاق به على كل الأصعدة. كثيرون من المتزوجين وتحت مظلة الكنيسة، لكنهم يغتصبون بعضهم البعض أو يمارسون الجنس من باب الغريزة والحقوق والواجبات، أنهم يُمارسون الجنس، شأنهم شأن الكائنات الآخرى، لكنّهم لا يجسدون حبًا، من المؤكد ليس الجميع بل نسبة ليست بالقلية. وكثيرون هم المُحبين الذين يجسدون الحبّ بالخفاء،لكن بفن راقي وبمعاني نبيلة وغايات سامية وهم لا يمتلكون أية صفة شرعية غير الحبّ، وأظنه أقوى وأقدس مسوغ. من هو الذي على صواب؟فأجابت: من المؤكد هو الحبّ وكل شيء يعج بالحبّ. لذا قلت للفتاة أذهبي وأفعلي ما يرضي ضميركِ ولتكن أعمالكِ باسم الحبّ، لان من يُحبّ لا يسيء ولا يقوى على أيذاى حبيبه.
أخشى أن يُساء فهمي، بأنني أدعو إلى مُمارسة الجنس قبل الزواج، كلا.. ليست هذه غايتي، بل دعوة حرّة ليكون الحُبّ دستورًا لحياتنا وشريعة لسلوكنا. فعندما تحبّ ويكون قلبك مُفعمًا من حبّ الله، سترى نفسك عاجزًا عن أيذاء نملة صغيرة، فكيف بالحري سيؤذي المُحب حبيبه ونصفه الآخر ويستغله جسديًا.
كنتُ في السويد أقدم محاضرة في عيد الحبّ لشبيبة مُباركة. في مطلع المُحاضرة سألني أحدهم : أبونا هل أحببت يومًا؟ أجبته: بالتأكيد، ولا أستطيع أن أعيش رسالتي وحياتي من دون حبّ. سمعت بعض التعليقات من الجالسين في الصف الأول: "أي كاهن هذا، حرام كاهن ويحب..؟ أيعقل أن الكاهن يحب؟!". أبتسمت حينها وقلتُ للجميع: هل الحبّ خطيئة؟ قالوا بصوت عالٍ: لا. قلت لهم أليس الله محبة؟ قالوا بالتأكيد. قلت لهم: ليكن إذًا الحُبّ هو شعار حياتنا. فصفقَ الجميع حتّى الذين انتقدوني للوهلة الأولى.
للأسف أصبحت كلمة الحبّ، كلمة مُخيفة في عالمنا اليوم ،بسبب كثرة الإساءة إليها، وسوء التعامل معها. أتذكر أن أحد شباب الرعية التي أخدم فيها إعترف لفتاة معه في الأخوية بحبه وصدق نوايه ورغباته في التعرف عليها عن عمق ليتخذ خطوة رسمية ويطرق باب عائلتها. في اليوم التالي تغيّر سلوك الفتاة إزاء الشابّ وقاطعته وبدأت تتجاهله!!
ولما سألتها: لماذا هذا الجفاء معه؟ ولماذا هذا التغيير المفاجئ؟ أجابت: أنه يحبني ويطلب التعرف عليّ!!
تسألتُ بلوعة قلب: إنه قال لها أُحبّكِ ونيته سليمة وصادقة وهكذا كانت ردة فعلها! لو قال لها العكس يا ترى ما الذي كان سيحصل؟!
يا ما في الحبّ مظاليم! وكم الحب بحاجة اليوم لمحامين يدافعون عنه؟!!