أزمة الإعلام المسيحي العراقي؟!

أزمة الإعلام المسيحي العراقي
" لماذا أنت مُقل في كتاباتك التي تُخاطب الإنسان وواقعه الحياتي". بهذه الكلمات يُعاتبني دومًا الكثير من القرّاء والأصدقاء والمقربين عليّ.
لستُ مُقلاً في كتاباتي ولم أفضل الأبتعاد والرحيل عن عالم الكتابة أقله في الوقت الحالي، بحجة أن قلمي جف نبعه، أو لأنني لا أحب الكتابة، بل على العكس،أنما لأنني أحب الكتابة وأحترام القرّاء وأحترم نفسي وكتاباتي. للأسف أصبحت الكتابة اليوم "مودة- شهرة مصدر للعيش". ما أراه أن الكثير من الكتابات خالية من المُتعة الفكرية أو الروحية، خالية من الموضوع لا يوجد فيها قضية وهدف! فقط ترويج لفكر وأيديولوجيا مُعينة،مُطبقين المثل العراقي القائل:"من كثر اللحيم طق الحديد". هكذا أمسى الكثير من الكتّاب مُروجين، وهكذا أصبح اليوم أيضًا لكلِّ مواطن مقالة، ولكلِّ قرية وعشيرة في العراق موقع ألكتروني! والمراقب للمواقع الألكترونية، لاسيّما مواقع أبناء شعبنا المسيحي في العراق، سيلمس لمس اليد المعنى من قولي هذا.
كان يتسأل في حيرة من أمره: كيف لي أن أُسوّق كتاباتي في زحمة الكتّاب وتعدد المواقع الالكترونية؟ قلتُ له من عادتي أنني سريع التأثر في أي موقف إنساني أتعرض له أو يقع أمام مرئ عيني، وتستهويني الأبحاث وتحليل الأحداث التي أواكبها في حياتي، فما أن جاز حدثًا إلاّ وعانقت أناملي اليراع، خلاله أعلن للواقع ما قراءته شخصيًا. كما أنني أختار عناوين مُثيرة لمقالاتي ومؤلفاتي تجذب القُرّاء وتشدهم، وأتصدى لمواضيع قلما ما يتطرق إليها الآخرون، أتمتع بأسلوب خاص بواسطته أسبك الأفكار وأصوغ بها المفردات التي تساعدني على إيصال رسالتي وأفكاري وقناعاتي للآخرين. نظر أليّ مُبتسمًا فقال: أهذا غرور أم ثقة بالنفس؟ فأجبته: لا هذا ولا تلك، بل هذا هو واقع الحال!
الشهرة قد يصلها اليوم الكثير من الكُتّاب وسط كثرة المواقع الالكترونية وتعددها، ولكن التمييز والتميُز هذا لا يأتي ألا حصيلة موهبة وفكر، والتصدي لمواضيع وقضايا ساخنة وطرح أفكار جديدة وجريئة بنّاءة تدعو إلى التجديد المفيد. فالكتابة فكر وموهبة وفن، بل رسالة وقضية حياة. البعض يكتب لأنه موهوب وصاحب فكر ويمتلك قضية وله رسالة، ويحتفظ في جعبته خزين من الخبرات المُفيدة، والبعض الآخر يكتب من فراغ، والبعض الآخر يسرق أفكار وكتابات وجهد الآخرين من هنا وهناك، والبعض الآخر يكتب لأنه مأجور ويتقاضى راتبًا على كتاباته المغلوطة والتي شوه بها التاريخ، كمسالة القومية والتسمية لأبناء شعبنا المسيحي. أعرف شخصًا كان أول من يجبر أبناء شعبنا في كركوك على التعريب قبل 2003، وبعد 2003 قصد إحدى بلدان أوربا خوفًا من ردة فعل المُتضررين منه ومن بطشه، ولما حاربوه في رزقه حيث يُقيم الآن، ألتجأ إلى الكتابات القومية، فأصبح اليوم من أشهر الكتاب القوميين، وعندما يكتب تقودني كلماته إلى خطابات النظام السابق، وكغيره يكتب من غير قضية، فقط لأنه يتقاضى راتبًا شهريًا من أسياده، ويكتب من الفراغ ومحاولة لتحسين السمعة. ولكن ربّما الكثيرين لا يعلمون أنه عَين الشخص الذي كانت يده مُلطخة بدماء شعبنا، هو نفسه اليوم يدافع عن حقوق أبناء شعبنا!! يا لها من مُفارقة جسيمة!! ولا عجب في ذلك فالأجير يبقى أجيرًا في كلِّ زمان ومكان. لقد حصد الشهرة بعد أن شوه الحقائق التاريخية، ولكن هل نال التمييز والتميز؟ من المؤكد لا. وهكذا هو شأن الذين يكتبون بدون موهبة ومبدأ وقضية ورسالة. ناهيك عن الذين يكتبون بأسماء وهمية مُستعارة، ويبثون سمومًا قاتلة! وهم قوميون أكثر مما هم مسيحيون!ما نعانيه اليوم في الإعلام المسيحي العراقي الالكتروني أو المكتوب هو:
-أصبحت الكتابة لكل من هبّ ودب، مُتناسين أن للكتابة قواعد وأصول وضوابط، فليس كل من ركب الخيل كان خيالاً، وليس كل من أمسك القلم صار كاتبًا!
-غياب حقوق الطبع، وعدم وجود أمانة أدبية. هناك من يكتب ويسهر الليالي ويقدم عصارة فكر للناس، وهناك من يأتي بثواني يعمل (كوبي بست عل جاهز) ويذيل أسمه في نهاية المقال. أليست هذه سرقة أدبية؟ أليست هذه مُصادرة لحقوق الآخرين وجهودهم؟ نحن في العراق ليس لدينا حقوق طبع ونشر!!وهذه الطامة الكبرى التي يعاني منها الأعلام في بلدي!
-أنه لأمر أيجابي ومُفرح أن يكون لنا مواقع الكترونية لا تُحصى يعبر فيها واحدنا عما يجول ويختلج في داخله من أفكار وثقافات وقناعات. ولكن لنتساءل ما هي خصوصية كل موقع؟ ما الذي يتميز به الموقع الفلاني عن الآخر؟ وما الذي يتميز به الكاتب الفلاني عن الكتّاب الآخرين؟ المواضيع واحدة، بل غالبًا ما تكون مُعظم الكتابات مُتشابهة بالمضمون، ولكن بمفردات وعناوين مُختلفة، وفي بعض الأحيان يفتقدون للموضوع، فقط أتهامات وتخوين، وأنتقادات هدامة وتشويه، وتصفية حسابات شخصية. كتابات وإنتقادات، الغاية منها الهدم والتخوين ونشر الغسيل الوسخ.
في أعلام كنيسة العراق عانينا من تكرار الُكتّاب ولا نزال؛ ولعل العدوى أخذت مسارها في التفشي نحو مواقعنا المسيحية، فمثلاً نجد الكاتب الفلاني يكتب في مُعظم المجلات والدوريات الصادرة! لم يكن لدينا كُتّاب مُرتبطين بمجلة ما دون غيرها! فمثلا نقول إذا أردت أن تقرأ للكاتب الفلاني عليك الذهاب إلى المجلة الفلانية حصريًا. واليوم عين الشيء يحدث في مواقعنا المسيحية العراقية، مُعظم المقالات تجدها مُنشورة في أغلب المواقع ولنفس الكتّاب من دون أن يتخصص كاتب ما لموقع ما دون غيره! أ لم يحن الوقت لوضع ضوابط للنشر؟ بحيث لا تكرر المواقع والكتّاب والمقالات نفسها، ويغدو لكلِّ موقع خصوصية ومنهج يمتاز به عن غيره، ويكون لدينا رقابة أعلامية، وتمحيص للمقالات وما الغاية منها، هل الكتابة من أجل الكتابة؟ أم من أجل أيصال رسالة وكلمة، فأنا من المؤمنين بأن الكلمة سلاح ذو حدين. بل خطورتها أخطر من حد السيف!
ناهيك عن أن الكثير من المقالات تتكرر وتعيد نفسها في كل صفحات المواقع ،فمثلاً ما تجده من مقالات وأخبار في عينكاوا كوم، تجده أيضًا في موقع قناة عشتار وباقوفا وتللسقف وكرملش بكل تسمياته وباطنايا والقوش والمحطة والشبكة المسيحية. علمًا أن من ضوابط الكتابة والنشر المقال الذي ينشر في مجلة أو صحيفة أو موقع الكتروني، لا يجوز نشره في محل أخر. أين نحن من هذه الضوابط؟!!
وتجدر الإشارة وسط تعدد وكثرة المواقع الالكترونية وكثرة الكتابات، إنعدم لدينا نوعية القرّاء، وأصبحنا نُعاني من أزمة قراءة وقارئين.فمع تعدد المواقع وكثرتها فقدنا جودت ونوعية المنشورات.
أملي أن ينفرد كل موقع بكُتّاب معينيّن لتتضح لنا الرؤية فنتمكن من أن نستقري هوية الموقع الفلاني وخطه ونهجه، فنتمكن من التمييز والأختيار،فيكون لنا مواقع متخصصة بمجال وخط واضح ، تختلف وتتميز عن غيرها وليس مشابهة لغيرها أو نسخة طبق الأصل من المواقع السائدة، فتضيع فردانيتها وخصوصيتها.
أتعلمون أن قيمة الإنسان والأشياء والأحداث تكمن في خصوصيتها وتميزها. فأين نحن من كل هذا؟!

نحن بعيدين كل البعد عن الخصوصية ابونا

لاقيمة لتعب الانسان في هذه الحياة

فالكل يفكر في نفسه ولايهمه شي اخر

شكرا ابونا يسوع يقويك

الرب يحفظ ويقويك والف الف شكرا للموضوع القيّم جداً ، تقبل تحيات أخيك.

سلام الرب معك

غياب الحقوق ، وعدم وجود أمانة ورقابه,فقدان الجودة والنوعية ,هناك من يكتب ويسهر الليالي .
كل هذه اللامور لا تنحصر فقط على الاعلام او الكتابات والمقالات وماشابه ذلك , فقد شملت قضايا اخرى من حياتنا والامثلة عليها لاتعد ولا تحصى.
وقيمة الانسان والاشياء والاحداث بمجتمعنا فهي تكاد انو تكون شبه معدومة من الخصوصية والتميز.
ارى ان حياتنا تسير على نهج غيرنا وليس على نهجنا الخاص وهذا السبب في افتقار التميز.

ابتي العزيز اشكرك على اطلاعي لهذا الموضوع القيم

كلام وتحليل سليم مليون بالمية

تحياتي الك ابونا

» المرأة في المفهوم المسيحي
» أرقام تلفونات للطوارئ لك أخي المسيحي
» العراقي الي دوخ الجن!
» ابتسم مع العصبي العراقي
» في مجتمعي العراقي العربة تقود الحصان وليس الحصان من يقود العربة!!