المُقاسمة
[color:6a96=blue]روت الطوباوية الأم تيريزا نبيَّة القرن العشرين، هذه القصة المؤثرة:
"في إحدى الأمسيات،عندما كنتُ طفلة صغيرة، جاء أحدهم إلى بيتنا وأخبرنا عن عائلة هندوسية فقيرة عندها ثمانية أولاد لم يأكلوا شيئًا منذ أيام.
أخذت صحنًا من الطعام وذهبت إلى تلك العائلة فرأيتُ الجوع في عيون الأطفال. إلا أنَّ الأُم أخذت الصحن شاكرة فوضعت نصف ما فيه من طعام في صحن آخر وخرجت لتعود بعد قليل والصحن فارغ. فسألتها ما فعلت بالطعام فقالت وهي تُشير إلى باب جيرانهم المسلمين: وهم أيضًا لم يأكلوا مثلنا منذ أيام. فرجعتُ إلى بيتي وقد تعلمت الكثير. وتُضيف الأم الطوباوية: تسألوني متى ينتهي الجوع في العالم؛ وأنا أجيبكم: عندما نبدأ بتقاسم ماهو موجدود معنا".
من أجمل ما قراءت خلال خدمتي الكهنوتية لرعية الكلدان في دمشق، هو قراءتي لمقابلة صحفيَّة أجرتها جريدة تشرين السوريَّة العدد 5930 مع الفنان السوريّ الرائع (دريد لّحام)، حيث سألتهُ الصحفيَّة في نهاية الحوار:" أخيرًا لو لم تكن دريد لّحام ماذا أردتَ أن تكون؟".
أجاب:" لفضّلتُ أن أكونَ الأُمّ تيريزا التي كانت تسعى في الكرة الأرضيَّة مِن شمالها إلى جنوبها....مِن شرقها إلى غربها للمساعدة وتقديم العون لَمن هم في حاجة إلى المساعدة....لأن الله محبّة ويجب أن يكون الإنسان أخًا للإنسان".
هكذا أنتهت المقابلة، ولكنّ الأُمنية لم تنتهِ!
يا ليت كلَّ واحدٍ مِنّا فضّل يؤمًا لأن يكون الأُم تيريزا، ملاك الرحمة. قد يعترض أحدكم أو يقول قائل:" ماهو الجديد الذي أتت به ، فهذه مبادئ إنجيليَّة ودروس مستقاة من تعاليم المسيح؟!".
هذا صحيح، ولكن! الجديد أنّها طّبقت مبادئ الإنجيل عمليًّا.
جميل أن تخرج من شرنقة ذاتك في رحلة حبّ لتنظر إلى أخيك الإنسان وتشعر به وتقاسمه الحياة بما ينطوي عليها من أفراح وأحزان ومعاناة. فالإنسان الإجتماعي ليس من يتكلم (يُثرثر ويصرح) كثيرًا، بل من يفعل كثيرًا ويتحسس حاجة أخيه الإنسان ويمد له يد العون ويقاسمه الكلمة الطيبة ولا يبخل عليه بلقمة عيش.... وهذه هي رسالة الإنجيل. أتسأل: أين نحن معشر المسيحيّين رجالَ دِين وعلمانيّين من بذل الذات والتجرد وخدمة المساكين والتضامن معهم؟ ألسنا جميعنًا مدعوّين إلى هذا التقشَف وبذال الذات والتجرد والعطاء والخدمة دون تفرقة بين الأفراد؟ ألسنا جميعنا مدعوّين لتطبيق تعاليم المسيح، أم ماذا؟.
عسانا أن نتعلّم مِن هذه القدِّيسة!