[color:f0f9=redكلمات في الإنسان
من كتاب تأملات من حياة كاهن للأب يوسف جزراوي (الطبعة الأولى - القاهرة 2008).
]أؤمن أن الإنسان هو صورة الله ، إذ جاء في الكتاب المُقدّس ولدى آباء الكنيسة إن الله شاء أن يرى وجهه، فصنع الإنسان على صورته ومثاله. وقال الله :"نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا". تك 1 :16
-ليس كائنًا منغلقًا يعيش لوحده في جزيرة منقطعة بمعزل عن الآخَرين، إنّما كائن إجتماعي علائقي. ولن اغالي في القول: أن الله لم يخلق الإنسان منغلقًا على ذاته ومنزويًا عن الآخَرين مكتفيًا بنفسه، بل خلقه كائنًا منفتحًا ومندمجًا في الحياة. لذا لا قيمة وجودية للإنسان المنعزل لان الإنسان الأكمل هو إجتماعي، علائقي. الإنسان ليس كائنًا كاملاً منزلاً من العلى ، إنّما هو صانع نفسه بنفسه وبمساعدة الرب والمقربين إليه. إنه يشبه بذرة تنمو وتكبر لتتحقق بالحبّ والفكر والإنفتاح والعطاء والمطالعة والصلاة والعلاقات الإنسانية البناءة....
- لم يولد ليموت، بل ليحيا ( اتيتُ لتكن لهم الحياة وتكون بوفرة (يو 10 :10). وليُخَّلد ... وما الخلود سوى أن تمرَ وتلتقي بالآخَرين فتترك اثرًا وبصمةً عميقة في حياتهم فتحفر لإسمك البقاء المجيد ، أثرًا يجعلك حيًا في حياتهم وخالدًا فيهم ومن خلالهم ، لذا فالإنسان ليس بداية ونهاية . فنحن نحصد ما نزرع.
- سرُّالاسرار : فهو سرُّ أمام الآخَرين ، وسرُّ أمام نفسه. فمهما بلغ الإنسان من عبقرية وتقدم يتحسس في قرارة ذاته وفي حياة المحيطين به ، جوانب خفية وأبعادًا مجهولة ولكن في هذه كلها تكمن قيمته ، فالإنسان في مسيرة بحث مستمرة ، مسيرة لا تعرف الإكتفاء.
- علاقة : علاقة تتحدد في ثلاثة أبعاد، (علاقته مع ذاته والآخَرين وعلاقته مع الله) . إذ الإنسان بطبعه ليس معمولاً للإنفتاح على الله خالقه فقط، بل على الآخَرين أيضًا. أي أن ينفتح على الجنس الذي ينتمي إليه. وأُضيف: الإنسان في تركيبته معمول من أجل الآخر، لذا تراه في علاقاته يبحث ويسعى لإكتشاف نصفه الآخر ( المفقود) . وبما ان الإنسان هو صورة الله ، فهو علاقة ، لان الله أبونا في ذاته وجوهره علاقة ثالوثية ( اب - ابن - روح قدس). الإنسان أكثر من عقل يفكر وقلب يخفق ، بل انه خبرة حياة !
- ليس نظرة ثنائية إزدواجية (روح ومادة - جسد ونفس)، وليس الإنسان (لعبة الميكانو) المتعددة الإبعاد، إنّما هو وحدة متماسكة ومتكاملة الابعاد.
- الإنسان ذكرى ، فلكل منّا ذكرياته الخالدة سوأ كانت مفرحة أم محزنة. ولكن اؤمن أن لاوجود لإنسان ينسى ذكرياته الخالدة . فثمّة قناعة بداخلي: إن ما يمسُّ القلبَ يبقى ويغدو جزءًا من ذاتك ومن تكوينك ، إن كان مفرحًا أم محزنًا. ستقولون: إننا ننسى أفراحنا بسرعة لأنها سريعة الزوال، أما الأحزان فهي محفورة في القلب ورفيقة الإنسان. أوافقكم الرأي ، ولكن صدقوني إننا لا ننسى ذكرياتنا المفرحة والمحزنة المؤلمة كانت، فإن مسّت القلبَ باتت خالدة وحاضرة دائمًا معنا.
- إن ما في الانسان أكثر مما نظن ونتصور، فهو أكثرمن معدة تملأها طعامًا أو عقل تملأه معلوماتًا، بل إنه أكثر من ذلك بكثير. فهو لا يعرف الإكتفاء على الصعيد النفسي والروحي والفكري والحياتي ، ومتى ما عرف الإكتفاء، فهذا هو اليأس...
-لا يتحقق إلا بالحبّ . فالإنسان هو ثمرة حبّ الله وخُلِق ليشهد لحبّ الله بين إخوته البشر. وهو لا ينمو ولا يتكامل إنسانيًا إلا بالحبّ والصلاة والعمل وخدمة الآخّرين.....
- مُحبًا للخير في طبيعته وإن كان الواقع والتجربة الحياتية تغرس في داخلنا الكثير من الشرور. كثيرون يضعون على رؤسهم هالات القدّاسة ويدعون إمتلاكهم لشهادات وإختصاصات بالروحانيات، لكنّهم لا يعرفون فعل الخير، بل هم صناع للشرّ. وما أكثرهم اليوم في كل مكان، حتى في أقدّس الأمكان!
أخيرًا
اؤمن أن الإنسان رمزُ لكل ماهو جميل وذو قيمة ، بل إنه تلك الحقيقة التي من الصعوبة التخلي عنها والتنكر لها. الإنسان هو صورة الله , وما أجملها من صورة!