أحلمًا حلمتُ أم طيفًا رأيتُ؟!

أحلمًا حلمتُ أم طيفًا رأيت؟
من كتاب خلجات الذات الجريحة للأب يوسف جزراوي - القاهرة 2010

قبل غروب شمس هذا العام وبزوغ فجر عام جديد، فضلتُ أن أحتفل بالصلاة أولاً مع مجموعة من الأفراد، و رفضت كل الدعوات والولائم، وبعد تأمل قصير غرقتُ بنوم عميق، فحملتني الأحلام على أجنحتها وأنا أستعد لعبور سنة 2009 إلى 2010.
كان حلمٌ، ربّما كثيرون رأوهُ قبلي، إنه حلم الإنسانية جمعاء، فلا ضيّر أن أرويه لكُم:
سمعتُ نشيد قُدّوس- قُدُّوس- قُدُّس الرب الإله، ورأيتُ جمعًا كثيرًا لم أستطع أن أحصيه، من كل صوب وحدب وشعب ولسان ولون، فميزت بينهم شهيد كنيسة المسيح الأب رغيد كني، وهو يبتسم إبتسامتهِ البريئة المعهودة. كانوا لا بسين حُللاً بيضاء بأيديهم سعّف النخيل وهم يرنمون بصوت عالٍ شجي، فيقولون:" المجد لك أيها المسيح .... أبن الله..". حلمت بأنني لم أجد وثنيًا على الأرض. لم يبقَ مُلحدٌ ولم يبقَ إنسانٌ لا يعرف الله، إله يسوع المسيح. رأيتُ في الحلم صبيانًا وبناتًا يرعون القطيع معًا في الحقول. يا للعجب! رأيتُ الذئب يسكن مع الحَمل، ويربض النمر مع الجدي، البقرة والدب يرعان معًا! ويلعب الرضيع على حجر الأفعى! رأيتُ كيف تحوّلت الثكنات العسكرية إلى مستشفى ومدارس.
رأيت الصبات الكونكريتية التي تحيط ببغداد تحولت إلى حدائق خضراء ومتنزهات. وكيف تحولت العبوات الناسفة والصواريخ إلى معاهدات صلح وسلام. وكيف تبدّلت طائرات الشبح والاباتشي الحربية لتصبح طائرات تروي الحقول والبساتين، وحوّامات تسعّف المنكوبين. حلمت أن الحدود أضمحلّت بين الدول، فلم تبقَ أرض مُغتصبة، ولم يبقَ مُشرد ومُهجر ولا مُستعمر.
حلمتُ أن الوحدة سادتْ الكنائس، فلم يبقَ كاثوليكي، أو أرثوذكسي، أو إنجيلي.. وزالتْ كل البدع والشيع والهرطقات والفرق.. ولم تعُد هناك صراعات قومية، وهذا يقول كلداني وأخر آشوري..سرياني. أرمني، بلْ تبادل الجميع سلام يسوع المسيح قائلين لبعضهم البعض: السلام معكم.
حلمت أن كل الذين أعتلوا سلطة الحكم عنوة وبطرق غير شرعية، تنازلوا وسلموا دفة القيادة، لمن هم إكفئ وأنزه منهم روحيًا وثقافيًا وإداريًا.. حلمت أن كنيستي ألتم شملها، ولم يبقَ فيها محسّوبيات وتمييز عشائري وتسميات متعددة.. حلمتُ أن السلام أستقر في نفوس البشر، فغدى عالمنا مُسالمًا، وغدت البشرية عائلة واحدة.
حلمتُ أن مصطلحات (القومية، الطائفة، اللقب، الديانة..) قد أزيلت من الجنسية العراقية، وبأت جميع المواطنون يعيشون في عراق واحد وليس في عراق موحد. حلمتُ أن تسود ثقافة قبول الآخر على إختلافه وإنَّ الإختلاف لا يعني خلاف...
حلمتُ أن الأرض الكبيرة غدت قرية صغيرة بفضل وسائل الأتصالات الحديثة، فلماذا لا نجعل البشرية عائلة مسكونية يشعر أفرادها ويلمسون لمس اليد بأنّهم إخوة وأبناء الله الواحد، الذي تجسد بيسوع المسيح، إله لا يعرف سوى الحبّ والخير؟ لماذا؟!

حلمتُ أن ألتقي بعائلتي بعد سنوات من الغربة والفراق. حلمتُ أن يعود كلّ مُغترب إلى حضن أمه، وكل زوج إلى حضن زوجته، وتلتقي الأخت أخيها ويعيش الجميع فرح اللقاء!
حلمت إن كل إنسان عثر على نصفه الآخر- الضائع، فيعيش جميع المتزوجين زيجات يتخللها الحبّ والسلام والإنسجام وعمق الروح.
حلمتُ ورأيتُ آلافًا من الناس يرقصون سلامًا ويتكلمون بلغات عديّدة ولكنّهم يتفاهمون. حلمتُ أن الإنسان يفرح بنجاح وتميز أخيه الإنسان، ولا يكسرهُ ويشوهُ صورتهُ بدافع الغيرةِ والحسّد. حلمتُ أن الإنسان يساعد أخيه الإنسان من دون حسد، أو مصالح، وبدون مِنة،وبدون نميمة وتشهير.
رأيتُ في الحلم المرأة تعيش بمساواة وبكرامة إنسانية، ولم يبقَ هناك فرق وتحقير بحق المرأة.
فجأةً صحوتُ من الحلم، ويا ليتني لم أصحُ! لقد عدتُ من الملكوت إلى الأرض، وآسفاه كَان حلمًا ..يا للأحلام! ففي عالم الأحلام كلّ شيء جميل! أستيقظتُ من الحلم وبدأ أبحث في زوايا غرفتي، فلم أجد ألا شمعة مُشتعلة بجانبها قلم وورقة، فكتبتُ فيها هذه الكلمات في ليلة إنتهاء عقد من الزمن من الألف الثالث الميلادي: يا ربّ أحلمًا حلمتُ أم طيفًا رأيتُ؟ ستتسألون وما الفرق بين المفهومين؟!
فأجيبكم: إن الطيف يبقى خيالاً، أما الحلم فقد يتحوّل حقيقةً. أَوَلم يبدأ صعود الإنسان إلى الفضاء بحلمٍ جميل؟! أمنيتي يا رب أن يصبح هذا الحلم حقيقةً، فتصل بشرى الحبّ (الإنجيل) إلى جميع المعمّورة، لتعرّف الناس قاطبةً يسوع الخلاص. أمنيتي أن ينشد جميع البشر المُسامحة والصفح، فيسود السلام. ولا يبقى فرق بين دول العالم، ليعيشوا جميعهم بمستوى واحد. أمنيتي أن تكون أعوامنا القادمة أعوامَ سعادة، لا سعادة وقتية، عابرة مبنية على الأنانية واللذة والمصالح الشخصية، وإنّما سعادة الفرح الداخلي، فرح يولد مِن نقاوة الضمير ومصداقية الإنسان، وعُمق العلاقة مع الله.
كثيرون يقولون لي: يا أبونا لماذا هناك فقراء في العالم؟ فأجيب: لأنَّ مُعظمنا لا يعرف أن يتقاسم خيراته مع الفقير، واليتيم، والمريض، والمعوّق، والعاجز، والحزين، والمحتاج..
عزيزي القارئ لنبدأ حولنا .. عسّى الحلم يتحوّل إلى حقيقة، فنطبق إنجيل المسيح لا بالكلام بل بالمَثل الصالح. وسنعيش إنطلاقًا من كلام المسيح في أعمال الرُسل:"السعادة في العطاء أعظم منها في الأخذ"( أعمال 20/35).

جميعنا يرجو السعادة. والسعادة تشبه ماءًا عذبًا يسيل يروي ظمأ الآخرين. قلتُ يسيل لأنَّ الماء المحفوظ في القارورة يفسد، وأمّا الماء الفائض مِن الينبوع فيبقى صافيًا عذبًا، لذيذًا أبدًا. وهنيئًا لَمن يصير نبعًا يستقي منهُ الآخرين، وهنيئًا لمن يكون شمعة لأخيه الإنسان، حينذاك يصبح الوميض نور، والنور شرارة، والشرارة نارًا، والنار لهبًا، واللهب شمسًا تُضيء طريق السالكين في الظلمات وتقودهم إلى نور المسيح.
بهذه الأمنيات والمعاني النبيلة إستقبلت شروق شمس عام 2010.

حلمتُ أن الوحدة سادتْ الكنائس، فلم يبقَ كاثوليكي، أو أرثوذكسي، أو إنجيلي

احلى ما حلمت ابونا الرائع بوركت اناملك الذهبية على هذا الموضوع الجميل دعائنا من الرب يسوع ان يتحقق هذا الحلم لان بصراحة هو حلمنا جميعا الرب يحميك لنا شمعة مضيئة لانك تقربنا من الرب يسوع دوما لك اجمل تحية والرب يقويك....

نشكر الله ابو يسوع المسيح على النعم الي انطاها لابونا يوسف جزراوي
ومن بينها نعمة الكتابة
ارقى كاهن وارقى مفكر

الرب يباركك ابونا
افكارك نارية
وموضوع في قمة الابداع

المسيح ينور حياتك

شكرا لك ابونا على هذا المقال الرائع وان كان حلما وكما انني حلمت وحلم الصالحات خير .. هذا ان كنت صالحة.. ان زعماء العراق جميعا قد افاقوا من نومهم فاذا بهم عميان .. اي والله عميان .. أحدهم شرب من بوله وقد ظنه ماء .. فاذا بملوحة البول تصيبه بداء السكر .. والاخر قتل زوجته وقد ظنها معارضة سياسية .. ف ( عقد) في اليوم التالي على امريكية حسناء تفوح منها رائحة الخديعة .. الثالث أمر بوضع ابنه في السجن بدلا من وزيره الذي سرق قبعة القاضي وجلس مكانه .. رابع كان ملكا فأمر بجمع الناس ليحكي لهم عن استراتيجيته في تحرير الاراضي العربية المحتلة .. فاذا برئيس وزرائه ينبهه ان الناس الذين اجتمع اليهم هم عمال النظافة في البلدية .. وهم يفهمون في الاستراتيجية بالقدر الذي يفهم فيه الملك بصنع القنابل العنقودية

ويقول بعض العارفين .. مع انني لا اصدقهم .. أن الرقيع فيهم قد اصبح فهلويا .. والفاهم فيهم قد غدا حمارا .. الساقط قد بات شريفا واللص خبيرا دبلوماسيا .. العنين يتشدق بالفحولة والمجنون اجمل العقلاء .. من كان معارضا غدا عميلا .. ومن كان عميلا قد اصبح على سدة الحكم قبل ان يعمى .. وفي قول آخر انهم تحولوا الى نساء في ثياب رجال .. يضربهم الناس على اقفيتهم فيقاقون مثل الدجاج في اقنانه .. ويطاردونهم فيهربون مثل الارانب الى جحورهم التي تمتد من اوطانهم الى اوكار البيت الابيض في واشنطن .. ولم يكتف اولئك بذلك بل دجنوا كل الذين يرتعون في نعمائهم فاصبحوا مثالا لهم .. وهكذا يتحول الوزراء والامراء والتابعين والجهلة والشيوخ والكهنة في حكومتهم الى مصفقين تهترىء اكفهم تأييدا لهم ..
هذا ماكان اصل حلمي واتمنى ان لا افيق ويكون حقيقية ما شاهدت رغم علمي مسبقا بأنه لم يكن حلما بل حقيقية

الرب يحفظك لتكون نبعا صافيا نستقي منك ونسقي الاخرين
اما الحاكم العجوز والسلطه ... نطلب من الروح القدس ان يحقق حلمك
محبك