[color:9498=red[size=18:cb9c]]أُمنيات كاهن لكلِّ المُقدمين على سرّ الزواج
أملي:
• lor=red]]أن يُخصص الخطيبان وقتًا للصلاة، فغالبًا ما ينزلق الخطيبان في أُمور عديدة وسطحية تتعلق بمظاهر الحفل، ويستشيرون فلان وفلانة، ويأخذون برأي المقربين عليهم، لكنّهم ينسون أو يتجاهلون أن يأخذوا رأي الله: يارب أنت بماذا تنصحنا؟
• أملي ان يضع كلّ المُقدمين على الزواج مشروع زواجهم بيد الرب ليباركه وينوره وينير بصائرهم، وتكون نعمته مرافقة لهم، وبذلك سيكون بنائهم العائلي على الصخر.
• أن يكون الإشبين والإشبينة(القريبين) من ذوي الخبرة والدراية بتجربة الزواج وعلى قدر عالٍ من المسؤولية والنضوج الروحي والثقافي والحياتي لمرافقة الزوجين في أية مشكلة تواجههما.
• أن يكون حضور الناس إلى صلاة الإكليل لا من باب الواجب والمُجاملة الإجتماعية، بل إنطلاقًا من الشعور بالمسؤولية الإيمانية، ومن أجل الصلاة لأجل العروسين.
• أن ينصَّب تفكير الخطيبين على الحوار الدائم والإصغاء المُتبادل والصلاة والإستفادة من خبرات الآخرين والتعلم منها، وألا ينشغلان بمظاهر زائفة سطحية، كالحفلة والذهب وبدلة العرس. ألا توافقوني الرأي أن قلت أن الآلاف الدولارات تصرف على ليلة، ولكنّنا لا نعلم هل سينجح هذا الزواج أم لا؟ الزواج هو شراكة، وكم تمنيتُ أن يُشارك العروسين الجدد وذويهم عوائل قد طحنتهم ظروف الحياة ونالت من كرامتهم الإنسانية، بل باتت تُهدد وحدتهم العائلية. ومن هنا ستبدأ مسؤوليتهم الجديدة. أملي أن يُقلّل أصحاب العرس من البذخ وحبّ التباهي Shoo off وكأن المسألة هي في البذخ والتكاليف المُبالغ بها (عملنا أجمل عرس، وأفضل حفل، تُضرب به الأمثال)! مُعظمنا مُصاب بداء حبّ المظاهر. وكم زائفة وخداعة هي المظاهر!
وأروي لكم هذه الحادثة: نصحتهُ مرارًا وتكرارًا أن يُقيم حفله زواجه (حفلة كوكتيل) على البساطة مُقتصرة على الأقارب وبعض الأصدقاء لأننا في غربة وظروف صعبة ولكونه هو ذو إمكانية مادية محدودة. لكنه رفض النصيحة بحجة سوف تأُكل الناس وجوهنا، فأقاموا أفخر حفلة من أجل إرضاء الناس، إن لم أقل خوفًا منهم ومن إنتقاداتهم، ليغرقوا أنفسهم في الديون! كثيرون يخشون أقاويل الآخَرين، حتّى باتوا يضعون في حساباتهم ردود أفعال الناس قبل أية خطوة يخطونها في الحياة. وللأسف أصبحت أخلاقيتنا وتصرفاتنا مبنية على كلمة عيب،ماذا ستقول الناس عنّا؟ أو الناس ستتكلم وتنتقد وإلى آخره من المخاوف.إنها مخاوف تقلقُنا وتُقيدنا وتشلنا. ولا مُغالاة إن قلت: إنساننا اليوم صار يخشى كلام الناس أكثر من أي شيء آخر، لأن كلامهم لا يرحم! أن تَضعَ كَلام الآخَرين في حساباتك، فهذا يعني أنك ستُتعب نفسك عبثًا وستضيع الكثير والكثير من الوقت والجهد فراغًا. ومن خبرة كهنوتية متواضعة أبوح علنًا: إن الناس تتكلم عن الله وعن عبد الله. فلو كنت قديسًا أو إلهًا .. فلابدّ من انك سُتضرب بحجر إنتقادات الآخَرين كما حدث لمُعلمنا يسوع له المجد، لذا ثق بنفسك وتصرف بحرية أبناء الله
• نعم أنها ليلة العمر، والمؤمن المسيحي كما تقول العامة، يتزوج مرة واحدة، ومن حقه وحق ذوي العروسين بأن يحتفلون بهذه الفرحة. نعم أوافقكم الرأي، ولكن بقدر ما تكون أسس الزواج عميقة وصحيحة، بقدر ذلك سيسمو بناء حياتهما الزوجية، وستكون حياتهما ليال عمر، وليس ليلة واحدة. لستُ ضد الحفلة، ولكنّي ضد التركيز على الحفلة والأمور السطحية، وترك ماهو روحي وعميق وجوهري ومُقدس.
• أن يُخصص الطرفين الراغبين في الزواج وقتًا كافيًا لتحقيق الإنسجام بينهما، وأن يصليا معًا ويطلبا مُرافقة الرب في هذه الخطوة التي تسبق الزواج، ليعطيهما الرب إشارات وعلامات، هل أنهما مُناسبان لبعضهما البعض.(إن لم يبنِ الرب البيت فباطل يتعب البناؤون).وأن يطلبا مُشاركة الكاهن في إرشادهما، ليُنير الطريق أمامهما، لكي يتمكنا من أتخاذا القرار المُناسب بوضوح وشفافية. وأن لا يجعلان من الكنيسة المحطة الأخيرة، وكأن الكنيسة واجب لأبّد منه! يحجزون قاعة الحفل ويتفقون على كلَّ شيء ويأتون في نهاية المطاف ليملّونَ على الكاهن موعد الأكليل! وكَم تمنيتُ أن يُميز ذوي الحفل، بين مكان الحفل وقدّسية الكنيسة.
• أن يكونَ لقاء شهري للعائلة لمواصلة تنوريهم الفكري والروحي والمسيحي حول الزواج، لقاء تتبناه الكنيسة، لان الكنيسة أُمّ ومعلمة ورسولة. أتمنى أن تدرك الكنيسة الكلدانية ولاسيّما في المهجر عمق رسالتها تجاه العائلة المسيحية. نحن في العادة نرمي اللوم على العائلة، ولكن أليس من واجب الكنيسة مُرافقة العائلة ومُتابعتها ومُساندتها؟!
• لقاء العائلة وجلسات توعية يتم فيها تبادل الخبرات الزوجية والحياتية التي من شأنها أن تُسهم إلى حد كبير في بُنيان وإعتدال سلوكنا.
• لقاء يسلط الضوء خلاله على الأزمات التي تواجه العائلة وسبل تجاوزها، ولاسيّما نحن نعيش في زمن المتغيرات والعولمة والسرعة، زمن أستهلك فيه الإنسان؛ زمن افتقدنا فيه للكثير من القيَّم الإنسانية والروحية، وهذه مسؤولية الكنيسة. ولكن غالبًا ما ينصب إهتمام الكنيسة على الأطفال والمُراهقين والشباب، وتنسى العائلة. علمًا أن العائلة هي البوابة المؤدية لتأسيس مُجتمع راقي ومُتقدم، وتأسيس أيضًا كنيسة مُبشرة متشبعة من روح الإنجيل.
• أن يتم هذا للقاء بين مجموعة من العوائل القريبة على بعضها إجتماعيًا وفكريًا وتربطهم علاقات ألفة وصداقة، ليتبادلون خبراتهم... ولا أجمل من خبرة الآخر. إنها غنّى وبنيانًا وتكاملاً. كما أدعو كلّ المتزوجين ليخصصوا وقتًا للمُطالعات اليومية وتثقيف الذات،فالمطالعة غذاء للفكر والروح، بواسطتها يتم الإطلاع على خبرات حياتية غنية، من شأنها أن تُنير البصيرة وتفتح الأذهان وتوسع الأفاق.
• أملي أن يكون الكتاب المُقدس رفيقًا لشراكتهما الزوجية، وأن يكون مرجعهما في اتخاذ القرارات والمواقف الحياتية "كلمتك سراج لخطاي ونور لسبيلي"(مزمور 119).ألا تتفقون معي أن قلت: غالبًا ما تكون مواقفنا الحياتية بعيدة عن روح الإنجيل.
• يحزٌ في قلبي حالة كثيرة الإنتشار وهي، عندما يقرر شخصين الزواج من دون اللجوء إلى إستشارة الرب ومن دون تفكير وصلاة، ويبنون قرارهما على أسس سطحية أو عاطفية أو مادية..وما أن يفشل الزواج ليقولا (قسمتنا ونصيبنا، الله لم ينصفنا..هذا هو حضنا- حضُنا الأسود). ولكن في الحقيقة، الله لا يد له بالأمر، فالزواج ليس بصدفة؟ أو قسمة ونصيب كما تقول العامّة، كلاّ وألف كلا! ليس من أقدار وأبراج في حياة الإنسان..فمشيئة الله ليست قصرية قَدَريّة،بل تترك الحرّية للإنسان في أن يختار حياته. ولكن نحن تعودنا أن نرمي اللوم على الله، إتكالية حتّى في فشلنا، حيث نرمي فشلنا وخطأنا على الرب. لكن الرب لا يعرف سوى الخير والحبّ، وهدفه سعادة الإنسان،وليس شقائه.
• أملي ألا يُنظر إلى المرأة على أنها لعبة أو تسلية أو عبدة للرجل، بل شريكة لهُ وزينة للحياة. فمن أجل الزوجة الحبيبة بنى نبوخذ نصر للملكة أمييهيا الجنائن المعلقة والتي تعدُّ واحدة من عجائب الدنيا السبعة، وبواسطة المرأة تبدلت حياة السائح العاشق دللالفاليه، عندما أحبّ زوجته العراقية ست معالي.
ربّما قد سمعتم بجاكمو كازانوفا ذاك العاشق الإيطالي، أبو المغامرات الغرامية الذي كان يتهافت على النساء، مُندسًا في المُجتمعات المُترفة بحثًا عن مُغامرة جديدة، مع امرأة، وما أن ينتهي منها حتّى يبدأ بواحدة أخرى. وجملته الشهيرة التي كتبها في مُذكراته(مُذكرات العاشق الإيطالي)والتي تجاوزت الـ4000 الآلاف صفحة:"في داخلي وحياتي رغبة قوية تقودني إلى المرأة، لا من أجل الجنس وحسب، بل من أجل الحبّ، فوراء كل رجل عظيم امرأة تحبّه".
كانت الفيلسوفة والروائية الفرنسية سيمون دوبوفوار تُعاني في حياتها من التمزق بين حرية الحبّ المفتوح دون قيود والقيم السائدة في المجتمع، لهذا كانت تتألم وتكتم ألمها في محاولة للظهور أمام الناس كإمرأة حرة ..وأعتقد أن هذا ما يحصل مع الكثير من فتيات مُجتمعنا العراقي الحالي، لاسيّما بعد الهجرة والإنفتاح على الغرب وتقليده بكلِّ شيء..ما عدا العمل والعلم والوضوح والمصداقية. نقرأ في مُذكراتها المُعنونة"ذكريات فتاة رصينة"حينما سألت صديقها الفيلسوف الوجودي سارتر عن نظرته للمرأة،فأجابها:"لو لم تكن المرأة موجودة لأخترعها الرجال". هكذا هي الزوجة الصالحة المُحبة تستطيع أن تزرع الجمال في عين الرجل، والثقة في قلبه، فهي التي تُهذب حياته وتصقل طباعه، وتقوده نحو الإبداع والرُقي الإنساني.
• الزواج قرار صعب، أنه مُغامرة حياة تتضمن التزامًا حُرًّا وأمانة واقعية. الزواج عهدٌ أبديٌ، رغم كلّ المُتغيّرات والمنغصات والعثرات والأشواك التي تُعيق تقدم الحياة الزوجية. وأن حدثت المشاكل بين الزوجين أتمنى أن لا يلجأ إلى التشهير والإنتقام والطعن بالطرف الآخر والثرثرة والقصص الصفراء.
قبل إسدال الستار على هذا الكتاب، ملحمة البحث عن النصف الآخر أنهي بهذه القصة الحقيقية: فتاة مرَّ على زواجها بضع سنوات، ولما ألتقيتها في ألمانيا قبل زمن ليس بالبعيد،وجدتها بنفس الدهشة والحيوية وكأن حبّها مع شريكها كالبذرة، أصبح مع سنوات زواجهما كالشجرة الباسقة، على عكس ما يقول الكثير، بأن الزواج مقبرة للحبّ!ولما سألتها عن سرّ تلك الديمومة العاطفية والفرحة والدهشة المتواصلة؟ أجابتني بقناعة:"ما أجمل أن يحضى المرء بشريك حياة، يجد معه وفيه نصفه الضائع، فيعيشان معًا بِحبّ رغم قساوة الظروف ومُتغيرات الحياة وتأثيرها على كلاهما،مُتحملين أحمال وأخطاء وعثرات ونقص بعضهما البعض، فيسند أحدهما الآخر ويبنيه بما يقوى عليه، ليكملان أحدهما الآخر خلال سنوات شراكتهما الزوجية. إننا مُختلفان ومتمايزان عن بعضنا بعضًا، لكّننا قريبان أحدنا من الآخر، ونركز على ما يجمعنا لا على الذي يُفرّقنا. هذه هي رسالتنا تجاه بعضنا بعضًا، مما دفع ويدفع علاقتنا للمُضي قُدمًا في أتجاه تصاعدي. ألم يقل رّبنا يسوع:طوبى لمن يثبت للمنتهى؟ إننا سعينا ونسعى لتحقيق هذا الثبات في شراكتنا الزوجية. وعلى الرب يسوع الذي جمعنا إتكالُنا".
ما أجملها من قناعة، ليتها تكون شعارًا وقناعة للناس أجمعين.
اللهَم أمين.
ختامًا : أملي أن تلتقي بنصفك الآخر الصحيح، وأن يكون أختيارك مبنيًا على الصلاة والحكمة والنضوج والنظرة المُتساوية العادلة للنصف المُكمل لك، فالإنسان بفضل إكتشاف النصف الآخر والإكتمال به سيُحلق عاليًا كالنسر، وستكون عيناه مُنفتحتين ثاقبتين، وسيكون بوسعه أن يرى بعمق وبصورة أشمل، وسيقرأ حاجة الآخر بشكل أفضل. ووحده الذي يفهم ويرى جيدًا يتمكن من أدراك رسالته الوجودية وبناء ذاته والآخَرين بحكمة. وبذلك يبصم بصمة مُؤثرة وفعالة في هذا الوجود الجميل.[/size][/size]