جمعة حزن وألام أم ذكرى حُبّ وخلاص؟
إنتهت مراسيم الجمعة العظيمة ، فأخذ الناس يتزاحمون ويتدافعون لتقبيل المصلوب ، أمّا أنا فعكفتُ للجلوس وحدي في مؤخرة الكنيسة متاملاً في ذلك المصلوب . فنظرتُ في عينيه واختلجت في نفسي الكثير من التساؤلات وعجت في فكري بعض الصور عن ذلك المصلوب الذي كان الصليب " ضريبة لحبه".
أجواء الحزن قد خيمت على الكنيسة، كل شي أمامي اراه متوشحًا بالسواد، والحزن كان قد رسم صورته على وجوه الحاضرين. لم استمع إلى ترنيمة فيها بذرة رجاء..كل شيء ينطق بالحزن! لكننّي كما هم كثيرون مثلي يرفضون أن تتحول هذه المُناسبة الخلاصية الفريدة، لذكرى ألم وحزن وبكاء ونحيب،ذكرى استذكار مآساة صلب المسيح؛ بل ذكرى استذكار حُبّ ورجاء....إنه احتفال بذكرى الخلاص.
ندعوها الجمعة العظيمة كون الله كشف فيها عن عَظمة حبهِ للإنسان ، إنها ذكرى يقول فيها الله لنا نحن البشر: كم أنت عزيز على قلبي أيها الإنسان حتى بذلتُ لأجلك ولدي الوحيد "لأنه هكذا احب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد"( يو 3 :16). لذا أملي ألا نجعل من الجمعة العظيمة يومًا يحتفل به المسيحيون بآلام المسيح وحسب، بل ذكرى حبه وخلاصه للبشر "ما من حبّ أعظم من هذا أن يبذل الإنسان نفسه لأجل احبائه"( يو 14 : 15).
إنه سرّ الحُبّ الذي يكمن فيه سرّ الخلاص، سرّ القيامة "ثقوا انا قد غلبت العالم "(يو 16 :33). لنجعل إذًا من جمعة الالام أو الجمعة العظيمة، ذكرى حبّ وخلاص، بل عيدًا للحب. عيد حبّ الله للإنسان.
الأب يوسف جزراوي