الخيانة أنتقامًا
من كتاب ملحمة البحث عن النصف الآخر للأب يوسف جزراوي-هولندا 2010
ذات يوم حدثني شخص ما، أنه يحبّ زوجته أقصى درجات الحبّ، لكنّه يخونها، ويعاني من شعور قاتل بالندم، لكنّه مستمر على الخيانة! وصارحتني إحدى السيدات على أنها تخون زوجها، يقين منها بأنه يخونها مع إحدى صديقاتها! فسعت لتدميره وقتله (في داخلها) بواسطة الخيانة مع شخص آخر. قلتُ لها: ولماذا الخيانة؟! فأجابت في الحال:"إن أكبر عقاب وجرح للرجل الخائن هو هجره أو خيانته. الخيانة بالخيانة والبادي أظلم..". لكنّها راحت تبكي، إذ بفعلتها هذه زادت الطين بلّة. فمتى كان الإنتقام غلبة؟!.
يقولون عندما تحبّ المرأة تستسلم جسديًا ونفسيًا وفكريًا وعاطفيًا وكيانًا لمن تُحب (زوجها..)، فيكون جسدها وسيلة للتعبير عما يدور في داخلها من حبّ ومشاعر، وعندما تخون المرأة، فهي تخون بجسدها أيضًا. وهكذا تحول الجسد من لغة التعبير عن الحبّ إلى خنجر لقتل الحبيب- الزوج- شريك الحياة.
وقفتُ في حيرة من أمري مُتسائلاً بلوعة قلب:هل الخيانة الزوجية مرض أم حاجة أم هروب من واقع إلى واقع أخر(مُعالجة الخطأ بالخطأ) أم أن المرأة تُقابل خيانة زوجها بخيانة، أستنادًا إلى منطق رد الصاع بصاعين"الإنتقام" أو أن تنشئة الرجل الإجتماعية الرجولية عودته على أن الخيانة أمر مُباح له، لأنه رجل؟! ومهما كانت دوافع الخيانة، أرى أن الخائن، هو خائن لنفسه ولمبادئه ولتربيته ولعائلته، وأنه سيضر نفسه وسيشوه سمعته أولاً. ثانيًا: الخيانة الزوجية مُنافية لتعاليم السيّد المسيح الواردة في الإنجيل المُقدّس .
حالات تتكرر وخبرات مؤلمة تُطرق مسامع العديد من الكهنة، مما حفزني ودفعني ككاهن أن أدلي بدلوي، فكانت هذه الكلمات:
الخيانة موجعة، بل هي زلازل عنيف، إعصار مُدمر يعصف الأشياء الجميلة. إنها خنجر في ظهر الحياة العائلية.
عندما تخون إنسان خانك، فأنت تخون نفسك، وسيضعك الآخرون في تصنيف الخائنين. وعندما تخون إنسان أحبّك وأخلص إليك، ستكون من القتلة، والرب الإله أوصانا: لا تقتل.
شاهدتُ مؤخرًا فيديو كليب للفنان العراقي هيثم يوسف، إذ تتحدث وقائعه عن خيانة الزوجة لزوجها أثناء سفره. في نهاية الأغنية يَقدّم الزوج على حرق زوجته الخائنة مع عشيقها في غرفة الخيانة، ويقول لها: "في قلبي لم يظلّ لكِ أثر"! لقد عمد على إزالة أثرها من الحياة. ولكن هل يستطيع إنساننا من إزالة جرح الخيانة من أعماقه الجريحة وذاكرته؟! وليكن الجواب متروكًا للقرّاء الكرام.
يقولون للخيانة سبب، وكعادتي أختلق لأخطاء الآخرين مسوغات وأجد لها أعذارًا وأسبابًا، فلكلّ نتيجة سبب، لانني نشأت وأنشأت ذاتي على أن لا أحكم على إنسانية الإنسان وعلى أخطائه، فالله وحده فاحص القلوب والكلى ولكن..! عندما يخونك الآخر من دون سبب، كيف ستكون ردة فعلك؟!