في مجتمعي العراقي العربة تقود الحصان وليس الحصان من يقود العربة!!

العربة التي تقود الحصان

ما هو مؤسف له أشد الأسف إن الكثيرين من أبناء شعبي مهووسون بالعادات والتقاليد وكلام المجتمع والبكاء على الأطلال والتغني بالتراث وأمجاد الماضي وعادات وتقاليد أجداد الأجداد التي باتت بالية لا تتلاءم مع مُتطلبات وثقافات عصرنا اليوم. هؤلاء يجيدون الإتكاء على التاريخ والتعكز عليه فقط، ولا يعرفون أن يغترفوا منه ما هو لخير الإنسان.
بشيء أؤمن: لا يكتشف الإنسان، المُبدعين والعظماء والأحداث الخالدة إلاّ من خلال التاريخ، فهو تراث، ومدرسة، وحضارة، وخبرة أجيال، بل أنه ذاكرة للأجيال، التي تتعرف بواسطته على جذورها، ومنه تستقي الدروس والعَبر. لقد تعلمت أحترام التاريخ ومعطياته للأستفادة منه كخبرة للحاضر والمستقبل، لكنني لم ولن أنشى ذاتي لكي أكون من الذين يعبدون التاريخ ويعيشون فيه متناسين الحاضر.
ولكن في مجتمعي العراقي العربة هي التي تقود الحصان، وليس الحصان من يقود العربة! إذ نحن في العادة نُزمر ونطبل ونتفاخر بأبطال وشخصيات أكَلَ الدود لحمَهم وتلاشت عظامهم منذ قرون، ونثرثر كثيرًا حول إن بزوغ فجر الحضارة والعلوم إنطلق من أرضنا، بينما حاضرنا وواقعنا اليوم قائم على الاستيراد: دراستنا وتثقيفنا وعقاقيرنا الطبية وثيابنا وعطورنا..كلّ شيء نستورده من أوربا وأمريكا..ولا نجيد إنتاج أبسط الأمور، لا بل حتّى هجرتنا هي إلى تلك البلاد (الفردوس). إنَّ حاضرَنا ليس سوى التغني والتفاخر بماضٍ غابر، فبُتنا أُسراء لذلك الماضي. بصراحة نحن نُجيد الثرثرة فقط والانتقاد والهروب من لقاء الذات، نجيد أحياء الحفلات الراقصة الصاخبة وقتل الوقت، والكلام على هذا وذاك والطعن في الظهر..
ألا تتفقون معي بقولي: نحن شعب(ليس الجميع) لا يجيد أكثر مما يجيد سفرات الباربكيو والحفلات الصاخبة والذي يحتفل حتّى بذكرى القديسين بالرقص وهز الأبدان ولعب الورق (كونكان) وأحتساء المشروبات الكحولية، نحن شعب عندما تذهب الكثير من نسائنا وبناتنا وأخواتنا إلى الكنيسة للمثول أمام الله وبحضرة السيّد المسيح والقربان المقدس، تجدهم نصف عاريات ووجوههم مصبوغة بكلّ ألوان القوس قزح، ومُتجملات بالصاغة والذهب، وكأنهنَّ في حفل وليس في كنيسة أمام حضور الله!! وهذا كله نابع من الفراغ الحياتي وغياب العمق الفكري والثقافي والروحي.
العالم بعجلةٍ يسير للأمام ويُسابق الزمن، بينما عجلتنا نحن وللأسف تُسابق الماضي لتُصبح أقدمَ من التاريخ نفسه. الكثيرون منا مخطوفون بعقلية الحنين للماضي ويصيحون يا ليل!!
حقيقةً لدينا أزمة تكابر في إصلاح الواقع وتجديده والخوف من كلِّ ما هو جديد! لدينا إشاكلية فكر وإنفتاح وتجديد على إبداع وحضارات العالم. لن أغالي أن قلت: في مجتمعنا وكنيستنا فئة ترى كلّ محاولة تجديد وتنوير وتغيير وإصلاح، ضرب من الهرطقة والتشكيك والخروج عن ماهو مألوف..لكن بالحقيقة إن تلك الفئة هي أشبه بالذي يرتدي ملابس القرون الأولى ويعيش في الألف الثالث الميلادي!! لا أقصد أن نكون مُقلدين للغرب ولأمريكا ولحضارة أمريكا الجنوبية.. بل أن نتعلم من خبرات وحضارات وثقافات العالم البنّاءة، ونهل كلّ ما هو مُفيد ومتطوّر لبناء واقعنا ومجتمعنا وكنيستنا بشكل يلاءم إنسان الألف الثالث.
نحن بحق شعب أسير ماضيه، فكانت ولا تزال العربة هي التي تقود حصان حياتنا في الكثير من المجالات، إلى متى؟ الله أعلم!
ولعلي أحرجك أيها القارئ الكريم بهذا السؤال : هل انت من تقود حياتك بنعمة الرب؟ أو لا زالت العربة هي من تقود الحصان في حياتك؟

العالم بعجلةٍ يسير للأمام ويُسابق الزمن، بينما عجلتنا نحن وللأسف تُسابق الماضي لتُصبح أقدمَ من التاريخ نفسه. الكثيرون منا مخطوفون بعقلية الحنين للماضي ويصيحون يا ليل!!

مقالة رائعة جداً عزيزي الاب يوسف
نعم للأسف هناك الكثيرون انا قد اسميهم من عشاق الماضي والكلام عن الماضي
تراهم من المقلدين لأبائم واجدادهم في طريقة التفكير وفي طريقة العيش يعشون مثلهم في زمننا هذا!!! وانا ارى ان هناك ضحايا كثيرة قد جعل منهم ماضي وتاريخ اجدادهم انقاض بشر لائنهم لا يؤمنون بلحاظر والمستقبل مثل الماضي
وللاسف الشديد تسمع منهم من يقول يجب ان تكون مثل جدك الله يرحمه كان رجال وما يجي بعد رجل!!!!!!!
حتى في مدارسنا الشرقية تراهم مهتمين لمادة التاريخ ويولونها اهتماماً اكثر مما تستحق
واغلب الشرقيون هم من محبي بل من عشاق التاريخ والماضي ويجهلون الحاظر والمستقبل
نعم واكرر اسفي عل من هم موهوسين بتاريخ وماضي ابائهم واجدادهم قد امسى بنسبة لحاظرنا وعصرنا لاشيء

تحياتي لك عزيزي ابونا
رائع ما خطه لنا قلمك
الرب يقويك ويحرسك

ابونا الغالي خليفة الاب يوسف حبي
جديات انت مفكر راقي وعندك فكر تحليلي للواقع الاجتماعي

رائع هذا المقال وكثيرين من العراقين مخطوفين بالماضي ويبكون على ايام زمان

شكرا ابونا لقلمك وفكرك الراقي والواقعي

شكراً ابونا الغالي سلم لنا قلمك الراقي

نعم انه لشيء رائع ان نسلط الضوء على ما نحن عليه
نحن كما قلت ابونا العزيز نهتم بالماضي ونتفاخر بماضينا بدون ان نستفاد منه
واذا كان الماضي مفيدا فهذا محصور بالبلاد التي استطاعت ان تاخذ العبرة من ماضيها ولتبني حاضرها وتنظر الى ابعد نقطة لمستقبلها
ويا ريت للمجتمعات التي تغني وترقص لماضيها وكفاها مهزلة فلتنظر الى حاضرها وتعيش يومها وتكون منارة للاخرين
عاشت ايدك ابونا على كلامك الحلو

بالتأكيد اني اتفق مع الاب يوسف تماما في اصل مقاله الرائع حول التمجد للتاريخ ومحاولة تقليد الاجداد والاباء في غر اعمالهم التي مضت ونقول لمن لازال يتشبث بتلك التقاليد!! كفى ذلك لانه كانت تلك الدنيا مختلفة عن هذه الدنيا التي نعيشها اليوم. فمثلا لو فكرنا ان نرتدي مثل ملابسهم سابقا لتسخر الناس منا!! لذا ذاته ونفسه في الفكر والتفكير وكما نعتقد بأن الطريق هو نحن وليس هم لان كل العضماء الذين دخلوا التاريخ من اوسع ابوابه ما كانوا يقلدوا شخصا اعضم منهم فوصلوا ما وصله عليه فما بالنا بتقليدهم . نشكر ابونا يوسف لهذا المقال وسلام المسيح معه

رائع ما خطه قلمك
لقد تعلمت أحترام التاريخ ومعطياته للأستفادة منه كخبرة للحاضر والمستقبل، لكنني لم ولن أنشى ذاتي لكي أكون من الذين يعبدون التاريخ ويعيشون فيه متناسين الحاضر.

الله يحفظك ابونا النا وللثقافة ولتنوير الناس ونتمنى تبقى شمعة مضيئة بالكنيسة
انت صوت المسيح بالكنيسة

الله يباركك ويقويك

» باكو بسكوت ..يقود للملكوت
» العراقي الي دوخ الجن!
» ابتسم مع العصبي العراقي
» أزمة الإعلام المسيحي العراقي؟!