الفرق بين السماء وجهنم
مات راهب تقيّ. ولمّا كان رجل فضيلة على الأرض، دعاه رئيس الملائكة إلى دخول الجنّة. فسأل الراهب الملاك سؤالاً قال: "طوال حياتي على الأرض، كان يشغلني سؤال واحد: كيف يمكن لله الكلّي الصلاح أن يعاقب البشر، حتى إن عصَوا؟ وكيف لا تشمل محبتّه التي لا حدّ لها الأشرار؟"
فطلب الملاك من الراهب أن يتبعه إلى زيارة جهنّم. دخل الاثنان من باب واسع عريض إلى حديقة غنّاء، تحوي من الأشياء ما لم تره عين ولم تسمع به أُذن. وكانت الحديقة خالية من الناس. ثم سار الاثنان حتى وصلا إلى بناء كبير ودخلاه. فوجد الراهب نفسه في صالة ضخمة فيها طاولة لم يرَ مدّة حياته واحدة في حجمها. وكانت على الطاولة أطباق شهيّة من الأرزّ تبعد مسافة مترين عن الأشخاص الجالسين حولها. وكان كلّ واحد يمسك معلقة طويلة جدًّا للأكل. وبسبب طول الملعقة، لم يكن أحدٌ يستطيع أن يتناول الطعام ويضعه في فمه. وكان الجميع يئنّون من الجوع، ولا يفكّرون في الخروج إلى الحديقة للتمتّع بمناظرها الخلاّبة وبطونهم خاوية.
ثم قاد الملاك الراهب إلى الجنّة، ودخلا من بابها الضيّق. فوجد الراهب حديقة تشبه الأولى، ولكنّها مليئة بالبشر يتنـزّهون مسرورين. وذهب الاثنان إلى صالة تشبه الصالة التى رأياها في جهنّم. وكان الناس فيها يأكلون الطعام ويتندّرون، ولاحظ الراهب أن الملاعق التي يأكلوا بها طويلة أيضاً كالتي شاهدها من قبل ولكن الجميع كانوا يأكلوا حتى الشبع لأن كلّ واحد منهم كان يأخذ الأكل بملعقته الطويلة ويضعه في فم زميله الذي أمامه ويطعمه.