المرأة في المفهوم المسيحي
سمير شيخو
الانسان هو قمة نظام الخلق كله في العالم المنظور ، اذ ان الحكمة والقدرة متلازمتان فيه فهو كامل الحسن والجمال . بعض الحضارات القديمة والحديثة تحت عبودية الرجل ، ومنها من يعتبرها ناقصة العقل والدين، لكن حضارتنا ( حضارة وادي الرافدين والمتمركزة في بابل ) تبدو اكثر تفهمآ للمرأة . وفي الكتاب المقدس نقرأ من سفر التكوين 1 : 27 ( خلق الله الانسان على صورته ، على صورة الله خلقه،ذكراً واثنى خلقهم وهذا يعني انهما كائنان متساويان ومخلوقان على صورة الله وقد اخذ الله ضلعاً من جنب آدم ليخلق المرأة واصبح آدم الانسان الكامل هو رجل وامرأة متساويان ومخلوقان على صورة الله ، كوحدة تؤلف اثنين في اطار طبيعتهما البشرية المشتركة مدعوان لان يعيشان في شركة ومحبة ، وان يعكسا للعالم هذه الشركة القائمة في الله ... فاصبحت تركيبة الانسان ثنائية – ثالوثية : الرجل منفتح على المرأة والاثنان منفتحان على الولد . انهما حقّآ على صورة الله الذي هو في جوهره علاقة ثالوثية ، ويكفي للانسان ان يكون على هذه صورة هذه العلاقة . اذن ليست المرأة اداة متعة للرجل ، بل بها يبلغ نضوجه الانساني ويصارع عدوّه اللدود وهو الفناء الطبيعي والموت الروحي ، ليحقق هدفه ويجد سعادته . ان ثروات الانوثه الشخصية لا تقل عن ثروات الذكور ، لكنها تختلف عنها فقط . وعلى المرأة ان تجتهد في استقامة شخصيتها وكرامتها ودعوتها من خلال هذه الثروات المميزة لانوثتها ، والتي حصلت عليها عندما خلقت . اذا تصفحنا الانجيل نرى الرب يسوع المسيح يتعامل مع المرأة انطلاقآ من واقعها التاريخي الملموس المثقل بأرث الخطيئة ، وهذا الارث يحمل بصفة خاصة مضار التفرقة بين الرجل والمرأة ولصالح الاخير. ومن وجهة النظر هذه تبدو المرأة التي ( أخذت في الزنى . يو 8 :3 ) ذات مضمون خاص، لقد قال لها يسوع في خاتمة الحوار ( لاتعودي الى الخطيئة ) ، لكنه شاء قبل هذا بقدرته العميقة على أستقصاء ماتنطوي عليه ضمائر البشر وافعالهم ، وكأنه يقول للمشتكين : اليست هذه المرأة بكل ما أرتكبت من خطايا تعكس ايضآ وخصوصآ مخالفاتكم وجوركم أنتم الرجال وتجاوزاتكم ؟ ان حادثةانجيل يوحنا ، تتكرر في حالات مشابهة ولاتحصى، بأشهار المراة امام الرأى العام .ولااحد يذكر بان رواء خطيئتها رجل خاطىء مسؤول عن خطيئتها ويشاركها تبعات خطيئتها، واسلوب المسيح في تعاطيه مع المرأة هو بمثابة احتاج على كل مايتضمن الاساءة لكرامة المرأة . والمسيح يكلّم النساء في امور تتعلق بالله وهنّ يفهمنها بذهن وقلب منفتحين حقآ ، وينطلق من انفتاح الذهن والقلب لدى المرأة ليعطي درسآ في الايمان .كما في ( لو13 :11 )و( مر1 : 30 ) و ( يو 12 :7 ) و(متى15 :28 ) وأشاد الرب بعظمة وايمان المرأة المصابة بنزيف دم قائلا لها (ايمانك خلّصك .لو8 :48 ) . الرب يقدم هذا الايمان المشبع بالمحبةكقدوة لنا .
لايوجد في المفهوم المسيحي الاّ مفهوم المساواة بين المرأة والرجل ، كون المرأة مدعوة الى العيش في شراكة حب مع الرجل لانها معينة له ، وهذا المفهوم يتجسد بشكل واضح وعملي في الحياة الزوجية والمبنية على اساس ( ماجمعه الله لايفرقه انسان . 19 :6 ) ، اى لاتفرقه اغراءات العالم ومعاكسات الجسد لكي لاتنتهك المرأة كرامتها بيدها . ومبدأ المساواة في المفهوم المسيحي مبني على الصبر والتحمل وتجاوز كل العقبات التي تهدد الحياة الزوجية . هذه المساواة التي تدعو المرأة الى اتخاذ الخطوة الاولى -كونها زوجة وأم ، في فتح حوار بنّاء وحقيقي بينها وبين زوجها ، اساسه الايمان بالمسيح والمتمثل بحبهم الروحي اولآ وقبل كل شىء ، ثم بحبهم الجسدي ، ومن خلال هذا الحوار تفهم المرأة جيدآ دورها في الكنيسة والمجتمع على حد سواء . أعتقد بأن المرأة التي لاتسلك هذا المسلك الطبيعي، تهدم بيدها ثروات انوثتها الرئعة والتي حصلت عليها يوم خلقت . وهذا مانراه واضحا في مجتمع العولمة الذى جعل من المرأة سلعة رخيصة والتي قادتها الى فقدان قدسية وثروة أنوثتها والتي هي هبة من الله تعالى.
أن كرامة المرأة تكمن في الحب الزوجي ( الثنائي – الثالوثي ) الذي ينطوى في حقل نشاطه بنوع خاص على حب الوالدين لأولادهما، هذا الحدث يعد بالنسبة للمرأة هبة الذات بلا مقابل ، وهذا يظهر واضحآ عندما ردّت العذراء مريم القديسةعلى البشارة ( ليكن لي بحسب قولك . لو 1 : 38 ) والذى يعني قابلية المرأة لهبة ذاتها ولأستقبال الحياة الجديدة .
المصادر:
كرامة المرأة/ رسالة رسولية لقداسة البابا يوحنا بولس الثا ني .
نشوة القمم / الأب المرحوم د. يوسف حبي .
طقس المعموذية والزواج بحسب الطقس الكلداني / الاب (المطران) د. لويس ساكو .
بقلم : سمير شيخو